الرحم: هو وعاء الجنين وبيت منبته، ويراد بهم الأقارب من جهة الأب ومن جهة الأم، والرحم نوعان، رحم محرم ورحم غير محرم وضابط الرحم المحرم: كل شخصين بينهما قرابة لو فرض أحدهما ذكرا والآخر أثنى لم يحل لهما أن يتزوجا كالآباء والأمهات والأخوة والأخوات والأجداد والجدات وإن علموا والأولاد وإن نزلوا والاعمام والعمات والأخوال والخالات، والرحم غير المحرم هو عدا هؤلاء كبنات الأعمام وبنات العمات وبنات الأخوال وبنات الخالات.
والمقصود بصلة الرحم هي كل فعل يعد به الإنسان واصلا لأقاربه مثل الزيارات والمعاونة وقضاء الحوائج كما تحصل الصلة بالكتابة والاتصال الهاتفي إن كان غائبا عن البلد أو كان مريضا لا يستطيع الانتقال وكذلك بذل المال للأقارب فإنه يعتبر صلة لهم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة”.
ودرجات الصلة تتفاوت بالنسبة للأقارب فيه في الوالدين أشد من المحارم، وفيهم أشد من غيرهم، حتى الصلة بين الابن المسلم وأبويه غير المسلمين مطلوبة لقوله تعالى: (وإن جاهدات على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا).
وليس المراد بالصلة أن تصلهم إن وصلوك، لأن هذا يسمى مكافأة بل إن تصلهم وإن قطعوك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها”.
فضل صلة الأرحام: جاءت نصوص من القرآن وأحاديث كثيرة تبين فضل صلة الأرحام منها قوله تعالى في سورة الرعد: (الذين يوفون بعهم الله ولا ينقضون الميثاق الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب).
وقد بين كثير من المفسرين أن المراد من قوله تعالى (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) هو صلة الأرحام، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن البر والصلة ليخففان سوء الحساب يوم القيامة”.
وقوله تعالى في سورة النمل (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي)، وقوله تعالى في سورة الاسراء (وأت ذا القربى حقه) يعني من الصلة والبر (وحقه) جعل له حقا عليك يجب أن تؤديه إليه وإلا كنت عاصيا آثما.
وما رواه الشيخان أنه صلى الله عليه وسلم قال: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو يصمت”.
وروى الطبراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله ليعمر بالقوم الديار وينمي لهم الأموال أو يكثر لهم الأموال وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضا، قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله، قال: بصلتهم أرحامهم”.
معنى: تعلق الرحم بالعرش يوم القيامة: ورد حديث إن الرحم لمتعلق بالعرش يوم القيامة فتقول: يا رب أقطع من قطعني وصل من وصلني.
وفي روايات عدة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن الرحم شجنة من الرحمن تقول: يا رب إني قطعت يا رب إني اسيء إلي، يا رب إني ظلمت فيجيبها ألا ترضين أن اصل من وصلك وأقطع من قطعك”.
عقوبة قاطع الرحم: قطع الرحم المأمور بوصلها حرام باتفاق لقول الله تعالى: (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) وقوله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) وقوله صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة قاطع رحم”، وقوله: “إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل منها عمل قاطع رحم”، وقوله: “ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدق بالسحر”.
صلة الرحم والبركة في الرزق والعمر: أخرج مسلم في صحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من سره أن يبسط له رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه”.